كنت أجلس في القطار، وكان هناك جنديّ يجلس في المقعد الذي بجانبي (ليس الملتصق بي). عندما دخلت إلى القطار كان فارغًا تقريبًا، لكنه أخذ يمتلأ. على أيّ حال، جلس الجنديّ، بلباسه العسكريّ، ومعه سلاح، سلاح كبير، نحن في نفس الصفّ والمسافة بيننا أقلّ من متر واحد. سلاح الجندي الكبير موضوع على رجليه ومعلّق على كتفه، هذه أوّل مرّة يكون فيها السلاح قريبًا جدًا منّي وموجّه نحوي. نحوي. السلاح موجّه نحوي.
معنى ذلك أنّه إذا أُطلقت رصاصة عن طريق الخطأ ستصيبني في رجلي اليمينيّة، سأنزف، ولا أعلم ماذا سيحصل لي. أنظر إلى السلاح وأشعر بالتوتر، أريد أن أفتح فمي لأقول شيئًا للجنديّ، ولكنّني لا أنجح بذلك. أنظر إليه على أمل أن يفهم من عينيّ أنّني خائفة ويزيح السلاح للجهة الثانية أو إلى الأسفل. الجندي مشغول بهاتفه، يبدو شابًّا صغيرًا، عمره حوالي 18 عامًا، نحيل جدًّا، ليس لديه عضلات، ظهره منحن قليلًا ويداه نحيفتان، وجهه ناعم وله لحيه خفيفة، ولكنّ السلاح الذي يحمله كبير، وهو سلاح حقيقيّ، يمكنه أن يقتل، يموت الناس سلاح كهذا ويُصابون بالجروح منه. ربّما هذا سلاح سبق أن جَرَح أو قَتَل. تمرّ صور العديد من الضحايا في ذهني، الواحد تلو الأخرى، فأشعر بتوتر. أحاول أن ألهي نفسي بهاتفي، ولكنّني أرى السلاح في كلّ ثانية، فيزداد خوفي. ثمّ أستجمع شجاعتي وأتوجّه إليه.
أنا: “عفوًا”.
لا يرد، لم ينتبه.
أنا: “عفوًا”، أقول بصوت منخفض، وأخشى قليلًا من ردّه.
نظر إليّ بينما كنت أفتح فمي لأقول له بصوت منخفض: “هل يمكنك أن تزيح السلاح… إنّه… يخيفني”.
سكت ونظر إلى السلاح وفهم أنّ سلاحه موجّه نحوي، فأزاحه إلى الأسفل، وسألني: “هل هكذا تمام؟”، سألني بنبرة تهديد.
“نعم”. أجبته، ” شكرًا”.
استرقت النظر بين الفينة والأخرى لأرى إذا أزاح السلاح نحوي، لأنّني لم أثق به. لم يُزِحْهُ. بقي السلاح موجّهًا للأسفل حتّى خرجت من القطار.
لمن يسأل لماذا لم أغيّر مقعدي، كانت المقطورة ملآى، وفي الحقيقة شعرت بالعجز بسبب الخوف.
كان القطار مليئًا ولم ينتبه أحد، بما في ذلك الفتاة التي جلست مقابلي.
تصرّف الجميع بطريقة عاديّة جدًّا لوجود السلاح، ما عدا أنا.
خفت، شعرت بالتوتر.
لا زال ذلك يخيفني، ولا أعرف كيف يُعتبر أمرًا كهذا طبيعيًّا وعاديًّ!