أتوجّه إليكم وأنا محطّمة وحزينة، وحالتي النفسيّة صعبة ومركّبة. لا يوجد من أتوجّه إليه أو أشاركه بورطتي، وللأسف يبدو أنّني لست المرأة الأولى ولا الوحيدة في المجتمع العربيّ التي تمرّ بما أمرّ به.
بدأت قصّتي قبل سنة ونصف. في إحدى الليالي، اخترق وابلٌ من الرصاص جدران البيت. في تلك الأثناء، كنت أنا وزوجي وأبنائي نجلس في صالون البيت. اختفت الابتسامات والنكات حول المائدة، واستُبدلت بالبكاء والصراخ والانكسار.
إطلاق نار من جهتين إلى داخل البيت بهدف قتل عائلة كاملة. مرّت دقائق معدودة شعرت أنّها ساعات من الموت أمام عينيّ. حضنت الأولاد المستلقين على الأرض. بأعجوبة، لم نُصب جسديًّا، ثقوب في الجدران، وثقوب في القلب والروح أيضًا للأبد.
لا أريد إطالة القصّة، من كان من وراء هذه الحادثة هي “المافيا”، عصابة طلب شخص خدماتها لإيذائنا من دون أيّ سبب، على الرغم من أنّه لا علاقة لنا بتلك القصّة بتاتًا.
جاءت الشرطة إلى مكان الحادثة، ولكنّ ملفّ الشكوى أُغلق من دون تقديم لوائح اتّهام.
مررت أنا وزوجي وأبنائي باضّطراب كبير ولم نجد أيّ جهة لتقدّم لنا العلاج بعد هذه الصدمة. دُمِّرنا نفسيًّا، ولم نتمكّن من النوم طيلة ليالٍ (وعندما كنت أنجح بالنوم، كان ذلك بمساعدة حبوب التنويم). خفنا أن يعود إطلاق النار، وشعرنا بانعدام الأمان، وباضّطرابات نفسيّة، وعانينا من كوابيس عن القتل والدم.
لديّ أربعة أبناء وبنات، جميعهم عازبون. ابنتاي الكبيرتان طالبتين جامعيّتين، وكان من المفروض أن يبدأ ابني التعليم في مدرسة الموهوبين. بحثنا كثيرًا عمّن يقدّم لنا الدعم بعد الحادثة، من الناحية العاطفيّة، والنفسيّة، والماديّة، ولكنّنا لم نجد من يُنجدنا.
توجّهنا لوالديَّ لنعيش معهما في بلدة أخرى. رفض زوجي المجيء معنا، ونحن الآن في مسار للطلاق. تدمّرت حياتي. أهلي يدعموننا مادّيًّا وعاطفيًّا.
أنا أهتمّ بكلّ شيء. أبحث عن معالجين نفسيّين لأبنائي كي نتجاوز هذه المحنة. عليّ أن أدفع للمعالجين من جيبي الخاصّ. باختصار، تدمّرت عائلتي داخليًّا وخارجيًّا. اختفت الابتسامة، والأولاد بالكاد يجتازون الامتحانات المدرسيّة.
صرختي موجّهة لكلّ المسؤولين. بدايةً للسلطات، والجمعيّات، والشرطة، والرفاه، وغيرها.
أين أنتم من هذا الموضوع؟ والديَّ يدعمونني جزئيًّا، أمّا النساء الأخريات فلا يجدن أيّ عنوانًا لهنّ. ماذا سيكون مصيرهنّ ومصير أبنائهنّ؟!
نحن نعيش حتّى اليوم في ظلّ الصدمة من دون دعم نفسيّ أو عاطفيّ أو ماديّ كافٍ.
يا ربّي! من سيسمع صرخة أبنائي؟ من سيشعر بقلبي المكسور؟ من سيعيد لي عائلتي التي تفكّكت أمام عينيّ؟!
لماذا حصل لي كلّ هذا؟ من سيساعدنا على إعادة تأهيلنا من جديد لكي نتمكّن من العيش في هذا العالم بأمان؟
بقلبٍ محطّم، أطالب بإنشاء هيئة سلطويّة ذات صلاحيّات منصوص عليها بالقانون، ولها أذرع إنفاذ، مثل إقامة وحدة خاصّة لمعالجة هذه الحوادث، هيئة منفصلة في الشرطة لمعالجة العنف ضدّ النساء. للأسف، تعجز الشرطة عن معالجة العنف في المجتمع العربيّ.
أقترح إنشاء صندوق يقدّم المساعدات لنساء وعائلات في ضائقة، لدعمهنّ نفسيًّا، وعاطفيًّا، وماديًّا. على هذا الصندوق تقديم الدعم للنساء وأفراد عائلاتهنّ من الدرجة الأولى، ويجب أن يكون مدعومًا من قِبَل الدولة والتأمين الوطنيّ وجميع السلطات والوزارات الحكوميّة، وعليه تقديم مساعدة أكاديميّة لأفراد العائلة الذين يمرّون حوادث من هذا القبيل، وتوفير مساكن لائقة للعائلات التي تمرّ بحوادث عنف صعبة، وتوفير مصروف معيشة أو تفضيل في التشغيل.
خلاصة القول: هناك ما يكفي من النساء المغدورات، ومن النساء المهدّدات في كلّ يوم، ولا النساء اللواتي يخشين الطلاق، أو اللواتي يخترن أن يعشن بأمان في حياة جديدة، وألّا ينتظرن محاولة القتل التالية.
نيسان 2022
شهادة جمعتها جمعيّة “نساء ضدّ العنف”
مشروع “ضحايا إطلاق النار” بالتعاون مع ائتلاف “نساء ضدّ السلاح”