قريتي الرامة مدجّجة كلّ الوقت بالسلاح، وخصوصًا سلاح العصابات والسلاح المهرّب من الجيش. عشرات حالات القتل، عشرات الجرائم حدثت أمام أعين الشرطة، كلّ مرّة بقبّعة مختلفة؛ جريمة منظّمة، عنصريّة، كره للنساء و”الشرف”، كيف يقيسون الشرف؟ من يمكنه المسّ بشرف الآخر؟ هذه أسئلة لا يمكنني أن أجيب عليها، لكن أعرف أنّه في قريتي يعيدون الشرف المُصاب بأذى بحسب عدد الرصاصات التي أطلقت نحو الطرف الثاني، وغالبًا ما تكون امرأة، شريك بالعمل، منافس، أو حتى جار…
في الرامة، رأيت حالتَيْ قتل أمام عيني، أمام بيتي وفي الشارع الرئيسيّ. استيقظت من النوم 30 مرّة على الأقل بسبب قنابل وإطلاق نار في الحيّ. عندي لا نهاية من القصص. عندما كنت في الخامسة من العمر، اضطررت للهرب من البيت لأنّ مسلحين ملثّمين حضّروا المنطقة لمعركة. كطفلة لم تفهم ماذا يجري في الخارج ومتى يمكنها العودة للبيت، بكيت وبكيت وحبست نفسي في حمّام الجيران لوقت طويل.
في عمر 7 سنوات، رأيت من الغرفة خمسة مسلّحين مع قنابل يدويّة. رموها باتجاه البيت، فهربنا عند الجيران. لم نكن هدفًا لأننا ارتكبنا خطأ، بل لكي نخاف، ولكي يُظهروا للآخرين سيطرتهم على المنطقة. في حيّ آخر، مثلًا، حرقوا صفًا كاملًا من السيارات، وفي حيّ آخر قُتل ثلاثة شبّان خلال بضعة أشهر لأنّهم كانوا في المكان الخطأ وفي التوقيت الخطأ! أنا أذكر عمليًا من قُتل في كلّ حيّ… هذه القصص، والصور في بعض الحالات، الصمت والخوف في القرية راسخة في ذاكرتي كأنّها حدثت الآن، كيف نشفى من هذه الصدمات؟
أغرب قصة—كنّا نجلس كعائلة في الساحة، ومرّت مجموعة من خمسة مسلحين يلبسون سترات تغطي رؤوسهم. رموا شيئًا بسلال القمامة وقالوا مساء الخير، ومجموعة أخرى من 6-7 أشخاص ركضوا خلفهم، مع سترات تغطي رؤوسهم أيضًا. ذهبت لأرمي شيئًا بسلة القمامة فرأيت شيئًا مرعبًا. قال أبي: لا تلمسي، ولم يتصل بالشرطة. كانت هناك 10 قطع سلاح. عدنا لجلستنا. بعد ساعتين، عاد أفراد المجموعة الأولى، أخذوا القطع وذهبوا. ماذا يمكنك أن تفعلي؟ سيُقضى عليك إن بلّغتِ الشرطة. وإذا لمستِ شيئًا – انتهى أمرك.
تعيشين هذا كلّ يوم. تمّ الاعتداء على أمي وهي في جيل الأربعين لأنّهم أرادوا أن يسرقوا منها المال. هذا معناه أن نفحص كلّ يوم إذا وضعوا عبوة ناسفة في البيت.
لا يمكنني اليوم أن أكون موجودة في نفس الغرفة مع سلاح، بأي شكل من الأشكال. ولا الجلوس أمام جنديّ. هذا يصدمني، اعتزاز الرجال الذين يمسكون السلاح يثير اشمئزازي! لا يحاولون إخفاءه أو إظهار أي حساسية تجاه محيطهم.
هذا هو الوضع أيضًا في حيفا وتل أبيب، عنف، سلاح. في الماضي، كان بإمكاني أن أضرب شخصًا يتحرّش بي عند الفجر. أمّا اليوم فأخاف أن يخرج سلاحًا من سيارته ويطاردني حتّى بيتي. اعتدوا مرتين على صديقاتي بالسلاح. أحدهم اعتدى على صديقي أيضًا. لا يوجد مكان آمن. حيفا لم تعد آمنة. يجب العمل على مشكلة المخدرات والسلاح. هناك سبع منظّمات نسائيّة فلسطينيّة لكنها لا تعمل شيئًا بشأن استعمال الفتيات للكوكائين، يتجاهلون الموضوع. كلّ الأمور مربوطة ببعضها – المخدرات والسموم.