Search
Close this search box.

السلاح كان امتحان رجولتي!

ترعرعت في عائلة عسكريّة، ونشأت في مدرسة للشرطة الروسيّة. عندما كنت في السابعة عشر من عمري هاجرت عائلتي إلى البلاد بهجرة غير موفقة. تعرّفت على زوجتي آنذاك في روسيا وقد قدمت معي إلى البلاد.  

في تلك الفترة تجنّدت بالجيش.

في إطار تجنّدي بالجيش الإسرائيليّ، قام طبيب نفسانيّ بفحصي، وبما أنّني لم أكن أجيد اللغة العبريّة أُجرِي الفحص بواسطة مترجمة. بعد ذلك، تمّ تسريحي من الجيش بحسب بند نفسيّ من دون متابعة نفسيّة. 

سار أخي بنفس الطريق، حيث تمّ تشخيصه في الجيش وتسريحه بحسب البند النفسيّ (21) بشكل واضح. رغم ذلك، عمل كرجل أمن وحاز لمدّة 4-5 سنوات على سلاح حتّى بعد أن علموا في مكان عمله بما ارتكبته- أطلقت النار على زوجتي السابقة.

وضعي النفسيّ بعد الطلاق كان صعبًا، شعرت أنني أخسر في لعبة الرجولة. من ناحيتي، تفكيك الزواج معناه الخسارة أمام الجميع، بما في ذلك عائلتي. حتّى أن أكون بعلاقة زوجية كان مثل الحرب من ناحيتي، وقد تطلّقت برضى، لكن أن تكون رجلًا كان معناه أن تكون عنيفًا. 

جرى الحادث الكارثيّ بعد عدّة أسابيع من حصولي على مسدّس كرجل أمن عند إنهائي دورة رجال أمن. وصلت لشقة طليقتي، اختلقت وضعًا وكذبت على طليقتي بأني أعاني من مرض في القلب، لكنّها كأخصائية في البيولوجيا لم تصدقني وبدأ نزاع قمت بنهايته بسحب مسدسي وإطلاق النار. 

في مكان الحادث، كان هناك زوجان صديقان لنا، دُعيا كما يبدو ليحافظا على جو لطيف، وفي مرحلة معينة تركا البيت. غضبت وأطلقت النار على الباب المغلق حيث كانا ما يزالان خلفه، وهكذا عمليًا قتلت أفضل أصدقائي بـ9 طلقات. مات على الفور. أصابت رصاصة مرتدّة زوجتي في صدرها. بعد أن أدركت ما قمت به صوّبت المسدّس نحو خدّي بزاوية 90 درجة وأطلقت النار على نفسي، لكنّ الانتحار لم ينجح.

في يوم الحادث نفسه، وقبل الحادث ببضع ساعات، استقلت من عملي بعد أن كذبت أنّ لديّ حجة طبيّة. مع ذلك، بقي مسدس العمل بحوزتي، رغم المعرفة بشأن استقالتي والنزاع مع طليقتي. في السابق، توجّه إليّ المسؤول في العمل، الذي علم بما يحدث في حياتي الشخصيّة، وقال: “أنا أعرف أنّك لست ممنّ يطلقون النار على المرأة وينتحرون بعد ذلك!”.

كلّهم عرفوا أنّ الحادث كان سيحدث، كان الأمر واضحًا وأنا كنت في ضائقة. أعتقد أنّهم لم يرغبوا بإيذائي والمسّ بمصدر رزقي في مكان عملي. 

في شركات الحراسة التي عملت بها، علموا حينها أنني أقوم بإجراءات الطلاق ورغم أنّ القانون كان يُلزم بوضع السلاح في الخزنة في مكان العمل، كانت توجيهات الشركة بأن نأخذ السلاح للبيت ونخفيه بمكان لا يراه أحد (بعد أن حدث خطأ بالخزنة، وأحد الحرّاس خرج بمسدسين بحيث نسي أحدهما بحقيبة الظهر). لم يفحصوا أبدًا إذا كانت لدينا خزنة في البيت، وأنا لم يكن عندي خزنة.

قبل الحادث، عملت في عدّة شركات حراسة وفي جميعها حصلت على رخصة سلاح. في جزء من الشركات لم أقم بإجراء فحص نفسيّ أبدًا، وفي أخرى قمت بفحص نفسانيّ وللمفارقة تبيّن أنني سليم! اجتزت التشخيصات بنجاح، لأنّ المرض الذي أعاني منه، وهو اضطراب الهويّة الجندريّة، ليس مرضًا نفسيًا بل صراع داخلي بين الهويّة الجنسيّة والجندريّة.

قبل الحادث، في أواسط سنوات الألفين، عملت كرجل أمن في إسرائيل، وكنت شاهدًا على حالات كثيرة كان رجال الأمن فيها مسلّحين حتّى عندما لم يكونوا يجيدون اللغة العبريّة بالمرّة ما عدا جملة “هل لديك سلاح؟”، وصلوا سكرانين للعمل، سحبوا السلاح لأنّ سائق سيارة رفض فتح الصندوق الخلفيّ، عانوا من إعاقات جسديّة ولم يكونوا باللياقة المناسبة، وفي أماكن التدريب على الرمي، اجتازوا التدريب دون أن يمتلكوا القدرة على التصويب وغير ذلك.

مبدئيًا، منالية السلاح هي التي جعلت هذا الحادث ممكنًا بكل تفاصيله وبالطريقة التي حدثت فيها. عمليًا، كان من الأسهل إغلاق باب البيت وإطلاق النار على من وراء الباب وأنا أدير رأسي كي لا أرى. أنا واثق من أنني لم أكن لأقتل إنسانًا بسكين من المطبخ، مثلًا. أنا أخاف من الدمّ. نصف سنة قبل الحادثة كان لديّ نزاع ونقاش شديد مع طليقتي ولم أمسّها، لم أكن مسلّحًا حينها. 

أنا أعرف اليوم- بعد ما قاله الأطباء النفسانيّون- أنّ لديّ اضطرابات نفسانيّة صعبة بالعلاقة المعقّدة مع والديّ، وأنّني طوّرت مشاعر ذنب معقّدة تجاه نفسي. بالإضافة إلى ذلك، الأشخاص العنيفون هم أشخاص متلاعبون حتى لو قام عامل اجتماعيّ أو طبيب نفسانيّ بفحصهم، والدليل أنّني أجريت الفحص النفسانيّ لشركة الحراسة، لكنّ فحصًا معمّقًا كان سيكشف التعقيدات النفسيّة التي عانيت منها. 

القتل كان امتحان رجولتي، ما أراده الجميع أن أكونه!

شاركي:

Facebook
Email
WhatsApp
Telegram
Twitter

نحن بحاجة إلى تبرّعك!

بواسطة paypal أو بطاقة اعتماد

*بعد نقر الزر أشير/ي على تبرع شهري

أو من خلال تحويلة بنكية:

• العيش إلى جانب السلاح •
في المسرح العربيّ-العبريّ في يافا في 21.11.21 السّاعة 19.00

بمناسبة اليوم الدّوليّ للقضاء على العنف ضدّ المرأة امرأة لامرأة و"ائتلاف المسدّس على طاولة المطبخ" يدعونكنّ للاحتفال بمرور عشر سنوات على تأسيس ائتلاف المسدّس على طاولة المطبخ وإطلاق مجموعة الشّهادات الشّخصيّة:

1. يُشارك في الأمسية:

آيات أبو شميس شاعرة، مدوّنة وناشطة اجتماعية يافويّة

2. قراءة الشّهادات الشّخصيّة:

أوسنات طرابلسي منتجة سينمائيّة وناشطة سياسيّة

ميساء إرشيد محاميّة وناشطة سياسيّة ونسويّة

3. مقطع من مسرحية “القتل بالتراضي“: الحاصلة على جائزة الثّناء في مهرجان عكّا في عام 2021

حانا فازانا غرينوالد
إخراج ودراماتورجيا

راحيلي بينكاس، زيتا يِغودايفا زينغر
ممثّلات

4. في الاحتفالية س ٌتعرض أعمال فنية وبصرية بإيحاء من الشهادات بالتعاون مع طالبات الاكاديمية بتسلئيل